سورة الدخان - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الدخان)


        


{أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)}
قوله تعالى: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى} أي من أين يكون لهم التذكر والاتعاظ عند حلول العذاب. {وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} يبين لهم الحق، والذكرى والذكر واحد، قاله البخاري. {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ} أي أعرضوا. قال ابن عباس: أي متى يتعظون والله أبعدهم من الاتعاظ والتذكر بعد توليهم عن محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتكذيبهم إياه.
وقيل: أي أنى ينفعهم قولهم: {إِنَّا مُؤْمِنُونَ} بعد ظهور العذاب غدا أو بعد ظهور أعلام الساعة، فقد صارت المعارف ضرورية. وهذا إذا جعلت الدخان آية مرتقبة. {وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} أي علمه بشر أو علمه الكهنة والشياطين، ثم هو مجنون وليس برسول.


{إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (15)}
قوله تعالى: {إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا} أي وقتا قليلا، وعد أن يكشف عنهم ذلك العذاب قليلا، أي في زمان قليل ليعلم أنهم لا يفون بقولهم، بل يعودون إلى الكفر بعد كشفه، قاله ابن مسعود. فلما كشف ذلك عنهم باستسقاء النبي صلى لهم الله عليه وسلم عادوا إلى تكذيبه. ومن قال: إن الدخان منتظر قال: أشار بهذا إلى ما يكون من الفرجة بين آية وآية من آيات قيام الساعة. ثم من قضي عليه بالكفر يستمر على كفره. ومن قال هذا في القيامة قال: أي لو كشفنا عنكم العذاب لعدتم إلى الكفر.
وقيل: معنى {إِنَّكُمْ عائِدُونَ} إلينا، أي مبعوثون بعد الموت.
وقيل: المعنى {إِنَّكُمْ عائِدُونَ} إلى نار جهنم إن لم تؤمنوا.


{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}
{يَوْمَ} محمول على ما دل عليه {مُنْتَقِمُونَ}، أي ننتقم منهم يوم نبطش. وأبعده بعض النحويين بسبب أن ما بعد {إن} لا يفسر ما قبلها.
وقيل: إن العامل فيه {مُنْتَقِمُونَ}. وهو بعيد أيضا، لان ما بعد {إن} لا يعمل فيما قبلها. ولا يحسن تعلقه بقوله: {عائِدُونَ} ولا بقوله: {إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ}، إذ ليس المعنى عليه. ويجوز نصبه بإضمار فعل، كأنه قال: ذكرهم أو اذكر. ويجوز أن يكون المعنى إنكم عائدون، فإذا عدتم أنتقم منكم يوم نبطش البطشة الكبرى. ولهذا وصل هذا بقصة فرعون، فإنهم وعدوا موسى الايمان إن كشف عنهم العذاب، ثم لم يؤمنوا حتى غرقوا.
وقيل: {إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ} كلام تام. ثم ابتدأ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} أي ننتقم من جميع الكفار.
وقيل: المعنى وارتقب الدخان وارتقب يوم نبطش، فحذف واو العطف، كما تقول: اتق النار اتق العذاب. و{الْبَطْشَةَ الْكُبْرى} في قول ابن مسعود: يوم بدر. وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد والضحاك.
وقيل: عذاب جهنم يوم القيامة، قاله الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا، واختاره الزجاج.
وقيل: دخان يقع في الدنيا، أو جوع أو قحط يقع قبل يوم القيامة. الماوردي: ويحتمل أنها قيام الساعة، لأنها خاتمة بطشاته في الدنيا. ويقال: انتقم الله منه، أي عاقبه. والاسم منه النقمة والجمع النقمات. وقيل بالفرق بين النقمة والعقوبة، فالعقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة. والنقمة قد تكون قبلها، قاله ابن عباس.
وقيل: العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8